التطبيع .. الانهيار العربي

التطبيع .. الانهيار العربي

  • التطبيع .. الانهيار العربي

اخرى قبل 3 سنة

التطبيع .. الانهيار العربي

السلام, من اسماء الله الحسنى, ووفقاً لهذه المقاربة من القدسية دأبت الانسانية أمماً وشعوباً ومؤسسات وأفراد على العمل باتجاه إعلاء قيم الانسانية ومرادفها السلم. ووضعت في صدارة مناهجها أهداف تحقيق هذه العناوين معتمدة البرامج المتوائمة والتحولات الاجتماعية والتاريخية وتاريخ البشرية الممتد عبر حضاراته وأديانه وأدبياته, وآخرها إجماع غالب دول العالم من خلال منظمة الأمم المتحدة التي نص ميثاقها على (حماية السلام العالمي والأمن الدولي.. وتنمية علاقات الصداقة بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة بين الشعوب وحق تقرير المصير...) شاهد نظري على هذا التوجه.

ولما كان السلام بين طرفين أو أكثر يقتضي تحديد عناصره التي يقوم عليها, وأول هذه العناصر هي أطراف السلام ومدى قابليتها لإنفاذ وإعمال أحكام ومبادئ السلام. ومن ثم التوصيف الدقيق الطبيعي القانوني والأخلاقي للآصرة التي تربط هذه الأطراف.

هنا يبرز السؤال : هل يمكن إقامة سلام مع معتدٍ أو سارق أو قاتل أو مجرم؟

وفي مجال التنظير وسعة الأفق قد يكون الجواب بالإيجاب.

المعتدي يمكن أن يُردع وربما يعود الى جادة الصواب, والسارق قد تُقطع يده أو تُقطع الوسيلة الدافعة للسرقة, والقاتل يمكن أن يُقتصّ منه أو يُعفى عنه, والمجرم قد يصلح حاله أو يُعاد تأهيله.

ولكن.

عندما يكون وجود الطرف الآخر وقيامه وحضوره لا يتشكل إلاّ بفناء الطرف المقابل وعلى حساب وجوده. أي أن تكوينه البنيوي ومادة بناءه كعنصر يتكون ويتشكل بصهر وإذابة العناصر الأخرى...

هنا تبدو الإشكالية كبيرة. وكبيرة جداً, ويدخل مفهوم السلام في مأزق خطر, لأنه مأزق الوجود والعدم... وهنا لا نتكلم عن ‘‘ إسرائيل ‘‘ كدولة أو ‘‘ كشعب‘‘ – إن كان هناك شعب يتشكل ـــ ولا, حتى عن اليهودية كدين ارتبط  بمنطقة جغرافية صغيرة قامت بعد انهيار مملكة النبي سليمان, مع ما تُتهم به من تحريف لكتاب مقدس, التوراة التي أنزلت على النبي موسى. إنما نتحدث عن منظمة عالمية على درجة عالية وكبيرة من الخطورة والانتشار والتأثير وهي (اليهودية العالمية) ومؤسساتها الممتدة عبر تاريخها الإجرامي الطويل, كالماسونية و (السنهدرين) المجلس أو المجمع الديني الأعلى, والصهيونية التي ركّزت هدفها الجغرافي (موطئ أو قاعدة قدم) في ارض فلسطين على حساب شعبه وتاريخه...

واذرع اليهودية العالمية, صندوق النقد الدولي, والبنك الدولي, ومؤسسة التجارة العالمية... وغيرها من وسائل التحكم بالمال العالمي وحركة النقد والسياسة وربما الأديان والمذاهب.

واليهودية العالمية, التي خلقت (إسرائيل) موقعاً متقدماً في مشروعها العالمي لا توصف جزافاً, ولا بناء أحكامٍ على ممارسات مليشيات أو عناصر مسلحة تمارس القتل والإجرام لسبب وهدف محدد. إنما بناءً على ثقافتها ومناهجها ودستورها الذي يعتمد (التلمود) أساساً للاعتقاد والوجود والعمل...

فالرؤية التلمودية للأغيار (غير اليهود) ترى أن بني إسرائيل هم البشر وحدهم أما ما عداهم من جميع الأمم فإنهم من أصناف البهائم والحيوانات, ولا يجوز لليهودي أن يسكن في بيتٍ واحدٍ مع احدٍ من الأمم, ويجب على اليهودي أن يجتهد بإخراج الساكن معه من الأمم الأخرى, لأن بيوت الأمم الأخرى تشبه خان الحيوانات وليس لهم اسم مسكن على الإطلاق.

(خلقهم الله في أشكال آدمية لتمجيد إسرائيل... إلا أن  الآكوم خُلقوا لغاية واحدة لخدمتهم } أي خدمة اليهود{  ليل نهار).

(إن الله سلّط اليهود على أموال باقي الأمم ودمائهم).

(إن لليهود الحق في اغتصاب النساء غير المؤمنات. أي غير اليهوديات).

(إن الإسرائيلي معتبر عند الله أكثر من الملائكة, فإذا ضرب أميٌّ إسرائيلياً فكأنما ضرب العزة الإلهية).

(اقتل الصالح من غير الإسرائيليين ومحرّمٌ على اليهودي أن ينجّي أحداً من باقي الأمم من هلاك...).

(إذا وقع احد الوثنيين في حفرة يلزمك أن تسدها بحجر).

(ويل للأمة التي تحاول عرقلة السبيل عندما يقوم الواحد القدوس تبارك اسمه بتحقيق خلاص أبنائه, ومن الذي يتجاسر على رمي ردائه بين أسد ولبؤه أثناء جماعهما).

وان كانت تلك مختطفات من (آيات) وقواعد آمره من دستور اليهودية العالمية (التلمود) فلنقرأ في منهاج عمل وبرنامج أسلوب حياة وقواعد تعامل معاصرة, وهو (بروتوكولات حكماء صهيون) والتي تدير اليهودية العالمية برامجها من وراء الستر وفقا لقواعدها وأحكامها.

فقد عملت على أن تنشر في سائر الأقطار الفتنة والمنازعات والعداءات المتبادلة, فإن في ذلك فتنة مزدوجة.

فالمحفل الماسوني المنتشر في كل أنحاء العالم لا يعمل في غفلة كقناع لأغراضنا... فقد جاء في البروتوكول الحادي عشر (الغوييم قطيع من الغنم, ونحن ذئابهم).

وفي البرتوكول الخامس عشر (ملك إسرائيل هو الأبوّة للعالم بأسره).

وفي البروتوكول العاشر (رؤساء, الجمهوريات مطايا الماسونية.. نحن نبدل الحكم بمطية من قبلنا ونجعله على رأس الحكومة. نأتي به من عداد مطايانا أو عبيدنا. هذا ما كان المادة الأساسية المتفجرة من الألغام التي وضعناها تحت مقاعد شعب الغوييم, بل على الأصح شعوب الغوييم).

أما في البروتوكول الرابع والعشرين فقد جاء ما نصه:

(سر البقاء في المقام الأول  كان في ما يتضمنه ذلك الشيء الذي تمكن به حكماؤنا حتى اليوم من جعل إدارة شؤون العالم مشّربة روح المحافظة على القديم, وذلك عن طريق توجيه التثقيف الفكري للإنسانية جمعاء. يأخذ بعض الأشخاص من نسل داوود على عاتقهم إعداد من يصلح للملك. وما لدى الملك من مخطط عمل للحاضر والمستقبل, لا ينبغي أن يدري به احد إطلاقاً حتى ولا الذين هم بمثابة مستشاري الملك المقربين.

والقائم بعبء الانسانية, المتمثل بشخص السيد الأعلى, الباسط حكمه على جميع العالم من نسل داوود المقدس, عليه أن يضحي في سبيل شعبه).

وإذا كانت كل هذه الرؤى والقواعد والأهداف ماثلة في أعين وأذهان العقل العربي. واخالها مفهومة والى حدود بعيدة في تصور المؤسسة العربية الحاكمة, فأن مسيرة التطبيع المتسارعة الانحدار نحو الهواية تنذر بمأساة شاملة...

وإذا كان النظام العربي ومنذ تشكل الدول القطرية على أنقاض مشروع الدولة العربية في القسم الآسيوي من الوطن العربي تتقاذفه تيارات مختلفة متضاربة, ومنها جامعة الدول العربية التي كرّست قطريتها على حساب تكاملها وبُعدها القومي, وإذا كانت بعض هذه الدول, مفهوم توجهها وبُنية نظامها القابلة لإمرار مثل هذه المشاريع, وربما قامت ابتداءً واستمر وجودها من اجل ذلك.. وقد ينطبق عليها ما جاء في مذكرة السياسي اليهودي البريطاني هربرت صموئيل الذي عُين أول مندوبٍ سامٍ بريطاني في فلسطين :

(عُينّت في المنصب المذكور مع معرفة حكومة صاحب الجلالة التامة بعواطفي الصهيونية بل بدون شك, بسبب هذه العواطف الى حد كبير).

وكانت هذه الدول تُعدّ وفقاً للفكر القومي إبان امتداده, وحتى مطلع العقد السابع من القرن العشرين, أنها (دول رجعية) ومرتبطة بشكل أو آخر بالمشاريع العالمية,

إنما الأمر يثير الاستغراب أن يشار الى دول كانت تُعرف بتوجهاتها القومية واليسارية ومنها من ولدت من مخاض (الربيع) أو (الإجهاض) العربي...؟!

وعندما يصل المآل الى السودان العربي الذي ما انفكت أوصاله تتقطع تباعاً منذ فصله عن مصر والى اقتطاع نصفه... ومن ثم تغيير نظامه الحاكم بواسطة مؤسسته العسكرية, القلعة والملاذ الأخير بوجه الانهيار... كل ذلك يستدعي الاستيقاظ من السبات المميت...

 

د. احمد صالح     الموصل

12/ربيع الأول /1442         29/ تشرين الأول / 2020

التعليقات على خبر: التطبيع .. الانهيار العربي

حمل التطبيق الأن